الكلمة السابعة

ماذا نفعل؟ ماذا نفعل من عدم العلم؟ ماذا نفعل من الضّعف في الإيمان؟ من الضّعف في التديّن، من الضّعف في الإيمان؟ ماذا نفعل من هذه النقوص؟ ماذا نفعل من هذه النقوص الاختيارية؟ لا نطلب التحصيلات العلمية! لا نذهب حتّى نفهم إنّه كيف يصبح العمل سهلاً علينا! باختيارنا لا نذهب! فإن كان غير اختياريٍ، الله يعفو عنّا، لكن ماذا نفعل باختياريّه؟ ماذا نفعل في ضعفنا هذا في العلم والعمل؟ ماذا نفعل؟ إنّ ضعفنا هذا باختيارنا!!

[نحن] أنفسنا لا نذهب وراء التقوية! التقوية العلميّة هي التي قلتها: «الدراسة، التدريس». لا يوجد أي أحد مستغنياً عنه، لا يوجد أي أحد مستغنياً عنه، إلّا الأنبياء والأوصياء [لدى] أولئك لا كلام معهم حول الدرس، أولئك لا ربط لهم بنا، نحن لا ربط لنا بهم، تلاميذهم سلمان، أبو ذر، هم على رؤوسنا، نحن بعد لا علم لنا ما هي مقاماتهم؟ إيّانا أن نحتمل في أنفسنا بالخيالات الشيطانية. نحن رعيّة، وفي ضمن الرعية أيضاً نحن رعيّة الرعايا، نحن إذا لم نعترف بمقام سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار هل نملك اعترافاً لمن فوقهم؟! لا، هذا كذب!

بالنهاية أيضاً هناك مطلب غير هذا، [الّذي قلت إنّ] الجميع يعرفون يجب أن نتابع العلميات، يجب أن لا نهمل [و إلّا] سنندم، شخص منحرف يأتي يرد علينا بكلمة واحدة[2]، نبقى متحيّرين، [ما هو جواب شبهته ولن نملك جواباً جاهزاً]! لماذا [نبقى متحيّرين في الجواب؟ لأنّنا] لم ندرس!

بالنهاية، [المطلب الثاني] كيف [تكون وظيفتنا] مِنْ أجل العمل؟ واضح أنّ الإنسان يجب أن يعمل اختياراً ذاك الشيء الّذي يعلمه، بلا إهمال فيه، [إذا لم يعمل بما يعلم] سيندم! تلك الأشياء الّتي لا يعلمها لا ينظر إلى هذا وذاك، لينظر إلى كتاب الشرع، مرّة أخرى إذا لم يعلم أيضاً [و لم يصبح معلوماً له] يجب أن يتوقف [و] يحتاط إلى أن يتّضح. قالوا: إذا عملت بتلك الأشياء التي تعلمها، «أورثه الله علم ما لا يعلم»، «كفي ما لا يعلم»، «ﮣ ﮤﮥ» مسألة العلميات وصلت إلى هذه الدّرجة أيضاً، أنّه إذا رأينا أنّه لم يتّضح لنا، لنعلم أنّنا وضعنا كثيراً من الأشياء تحت القدم، تصورنا أنّنا عملنا بالواجبات وتركنا المحرمات أيضاً، لكن بعض المحرّمات يعرفها أهل معرفتها، بل ربّما أيضاً يفهمون أنّه أي حرام أنت مرتكب! أي واجب وضعت تحت قدمك!

بالنهاية، كلمة واحدة لا تردّد ولا تراجع فيها لعلّها يستفيد منها شخص، يذهب يفكر بها، ليرى أَهذا حقّ، أم لا، [ليس] هذا لترفيه الرفقاء والأصدقاء، نريد أن نرتاح من شرّ هؤلاء، ليبعد هؤلاء عن أنفسهم، بل [إنّها كلمة] واقعية حقيقة، لا ينبغي للإنسان أن يستند بأنّها كلمة واحدة فقط [و لا يمكن الاستفادة منها]، بأنّه يا هذا أيّ كلام هذا، [إنّه نحن نريد أن نصلُح بكلمة واحدة ونحظى بنيل الكمالات]، [البعض] كتبوا كتاباً [في الأمور المعنوية]، هذا يريد أن يُصلح بكلمة واحدة، لا لا لا، لا يوجد هكذا شيء![3] يا هذا كلمة واحدة تصير بأنّها «أوتيت جوامع الكلم»[4]. يقول حضرة النّبي (ص): [مع] هذه الكلمات المختصرة، علّمني الله طريق التعليمات، ليس لازماً أن يكون كتاباً، كلمة واحدة تغني عن كتاب!

إذا علمنا الكلّ، علمنا جميعاً، إذا كنّا ملتفتين ولا نشكّ، بماذا نشكّ؟ في هذا الّذي هو شمس الآن، هو نهار، نشكّ؟ بلى، يمكنـ[نا] أن نضع أيدينا على عيوننا، [ثمّ] نقسم أنّنا لا نرى شيئاً، حقّاً، لأنّه وضع يده [على عينيه] ، لا أستطيع أن أرى، أقسم أيضاً، قسمي أيضاً صادق، ليس كذباً، لكن ارفع يدك، تميِّز اللّيل من النّهار!

بالنهاية أيّ كلمة هي الّتي تصلح عمل الإنسان حتّى النهاية؟ هذه الكلمة هي هذه أنه: «لنعلم أنّه يرى، والسّلام!» نحن في محضره ، يرى تخيّلاتك أيضاً. يعلم تخيّلاتك أفضل منك، أنت تتصور أن تخيّلي الفلاني يتحقّق، تخيّلي الفلاني لا يتحقّق، هو يعلم بالعكس، ذاك الّذي أتخيّل أنّه يتحقّق لا يتحقّق، ذاك الشيء الّذي أتخيّل أنّه لا يتحقّق [يتحقّق]، إلى هذا الحدّ محيط بكلّ موجود!

يمكن حينئذٍ؟ هل يمكن أن يذهب الإنسان وراء المعصية؟ يذهب؟ [الإله الّذي هو] قادر عالم، آمر، ناهٍ ،يمكنه إعطاء الأجر، يمكنه أن يكون ملتزماً بجميع لوازم ما وعده، أيعصيه الإنسان أمامه؟! جالس على سفرته، يجب أن تنزل من الأعلى، النعمة والإنعام والبركات آناً بعد آن، [و الإنسان] يأخذ جميع هذه، لكن يرمي [الإنسان] سهماً باتجاهه [أي المنعم]؟ أيحصل هذا؟ إذن إذا كان يعلم الشخص أنّ الله يعلم ويرى كلّ الموجودات الإمكانية آناً بعد آن، لا يعصي تكويناً، مثل غير الاختياري، لا أقول هو غير اختياري، وإلّا يعرض بوجهه ويفعل ما أراد، لاحظتم؟ من هنا يجب أن يفهم أنّه محال أن يعلم شخص «أنه يرى» [و] يعصي باختياره، ويختار بنفسه المعصية، هذا شيء محال!

قالوا أنّ شخصين من أهل الأديان الباطلة، عابد صنم، بوذي، الّذين [لا يوجد] لديهم أيّ نبي أصلاً، أمّا فيما بينهم فيوجد نكاح وسفاح، يعني يوجد كلّ من النكاح والزنا، يوجد عقد، لا أنّه لا فرق بين الزنا والنكاح مثلاً، وأن يكون سواء عندهم [النكاح والزنا]، هذان الشخصان تواعدا فيما بينهما ـ بغير المشروع ـ على عمل غير مشروع، قالوا: حسناً، الخلوة لازمة، قالوا: حسناً، البيت الفلاني خالٍ، قالوا: يجب أن تكون الغرفة التي سيقع فيها ذاك العمل أيضاً خالية، بحيث إذا جاء شخص في هذا البيت لا يستطيع أن يأتي هذه الغرفة، رتّبا كلّ شيء، قاما [بتهيئة مقدمات العمل]، بعدها ذهبا لتلك الغرفة، نعم، رأَيَا أنه لا يوجد أي مانع ورادع، لا يمكن أحداً أن يصل لهذه الغرفة فضلاً عن أنّه لا يمكن لأحد أن يدخل هذا البيت أيضاً، والبيت مقفل تماماً، لم يشكّا قطّ أن هذا المكان آمنٌ، لا أحد مطّلع على عملهما هذا الّذي بينهما في دِينِهما ممنوع، رأى أحدهما أنّ في نفس الغرفة صنماً، قام [و] أخذ [و] وضع ثوباً على هذا الصنم حتّى لا يرى هذا [الصنم] عملهما! انظروا «الحكمة ضالّة المؤمن فليأخُذها ولو من الكافر»[5]!

هل نحن نستطيع أن نخفي [أعمالنا] عن المعبود الحقيقي؟ نضع شيئاً على أنفسنا هو لا يرانا؟! أو نعوذ بالله نضع شيئاً عليه هو لا يرانا؟! ذاك [الصنم من] الحجر، الخشب، [بل حتّى] ربما قد صنعوه هم أنفسهم أيضاً، [لكن مع هذا] لم يجترئ أن يراه هو [أي الصنم]! أليس هذا عبرة لنا؟ أليس درساً لنا؟ إنّه نحن إن نستطيع أن نستر ونفعل بالخفاء، حسناً، بسم الله! أما إذا لا، لا نستطيع [و] نفعل أمامه [الّذي هو هكذا قطعاً يكون مثل هذا بحيث] إحدى يدينا تقول أعط، حتّى آكل كي أتقوّى، واليد الأخرى تقول: إنّه أفعل كلّ ما أريده ولو كان مخالفاً!

لاحظتم؟ انظروا كم نحن بعيدون عن القضايا، الآن لا تقولوا: حسناً، إذن أنت الّذي تقول هذا الكلام لماذا [أنت] هكذا! يا هذا، هذه الكلمات حقّ، ربّما يسمعها شخص يكون أفضل منّي ويعمل ويصل المقامات، ما هو المانع! ربّما أحياناً يصبح واجباً، فيجب أن نلاحظ هذا قهراً، إنّه نحن تأخرنا بدون سبب، نحن متأخرون يقيناً عن سلمان وأبي ذر والمقداد وأمثالهم!

لماذا؟ هذا دليله: قال سلمان لزهير «إذا أدركت سيد شباب أهل الجنة فكونوا أشد فرحاً من هذه الغنيمة التي حصّلتموها!». الآن، إلى زمان قيام سيد الشهداء (عليهم السلام) كم هي المدّة، زمن سلمان إلى ذاك الزمن، هذا، من أين صار [معلوماً] أنّه يوفّق لهذا العمل؟[6] لم يكونوا أكثر من اثنين وسبعين، هذا كيف من بين جميع النّاس حسب ورأى هذا الواحد من بين الاثنين وسبعين؟ هؤلاء أين ونحن أين؟ نحن بعيدون جدّاً عن هؤلاء، لكن التأسّف ليس لأنّنا بعيدون عن هؤلاء، بل التأسّف لأنّنا اخترنا البعد باختيارنا، وإلّا فبعض من هؤلاء كان ماضيهم الشرك، هؤلاء هؤلاء هؤلاء الأربعة! ما كانوا مسلمين! الدعوة الإسلامية لم تكن قد وصلتهم أصلاً، وصل لهذه المقامات العالية بحيث أصبح سلمان مثل لقمان، «خُيِّر بين الحكمة والنبوة فاختار الحكمة لمشقّة النبوة» نحن بعيدون عن هؤلاء!

حسناً، ذاك الشيء الّذي هو غير اختياري ليس موضع ندم، لكن كيف ما هو بالاختيار؟ بعيدون بلا سبب، بعيدون بلا فكر، ننظر إلى هنا، وهناك؟ نريد رزقنا في هذا العمل؟ هذا الإله الّذي يرزق الحيوانات في الصحراء، [هذه الحيوانات الّتي حتّى] لا تعلم أصلاً ماذا لديها غداً، ماذا يحصلون، ماذا يتناولون، أين سينامون، [الله] يرزقهم ولا يرزقنا؟! هذا الطّريق الّذي نحن [نسلكه] إمّا حرام أو مشتبه، أو يمنعنا عن التجارات العالية وعن بلوغ المقامات السلمانية؟! ماذا نفعل من أعمال أنفسنا؟ لمن نشكو من أنفسنا؟ يا هذا، بسم الله، نحن اختياراً لا نريد أن نصبح سلمان، اقضِ لنا أيّها القاضي! ماذا يقضي؟ اختياراً لا نريد أن نصبح سلمانيين! نستطيع أن نصير [لكن] لا نريد أن نصير! ماذا نفعل نحن؟ الآن يا ليت أنّه كانت السلمانية واللا سلمانية، [لكن] الأبو سفيانية والأبو جهلية كيف؟ [لأنّ] طرفه ذاك [يكون هذا]! في قوس النّزول يصل لتلك الدّركات، في قوس الصعود يصل إلى سلمان.

ماذا نفعل نحن؟ لمن نشكو من أنفسنا؟ بحسب الظّاهر [ليس طريقه إلا] بمحاسبة النّفس في الليالي، [حاسب]، يا هذا، اليوم ماذا فعلت؟ كان فيه عيباً، إذن غداً لا تفعله، تب [من المعصية]، [هذا طريق المعصية وعدم التوبة والرجوع] يا هذا، لا يوجد شيء إلا الخسارة!! نستودع بالله. نطلب من الله الموفقية للجميع.

 

 

 

[1] ألقى سماحته هذه الكلمة في إحدى الزيارات التي قام بها موظفو منظمة الإعلام الإسلامي لسماحته.

[2] يعني أنّه يلقي الشبهة في عقيدتنا.

[3] أي يحسبون أنّه لا يمكن أن تفعل كلمة واحدة أثر الكتب الكثيرة.

[4] قال (عليه السلام): «أوتيت جوامع الكلم و اختُصِرَ لي الكلام اختصاراً». عوالي اللئالي، ج ٤، ص١٢٠.

[5] ورد قريب من هذا المعنى في الكافي، ج ٨ ص ١٦٧؛ بحار الأنوار، ج ١ ص ١٤٨.

[6] أي للاستشهاد بين يدي سيّد الشهداء (عليه السلام).