الكلمة التاسعة

لا تعملوا بالنحو الّذي يكون الندم في عاقبته، إذا استطعتم في ِضمنِ أولادكم دعوهم يصبحوا أهل علم[2]، ليدرسوا، الدراسة كأنّها واجبة على الجميع، ولو أن تكون ساعة خاصة للدروس الدينية في ضِمن الأربع وعشرين ساعة، واحد يريد أن يصبح ملكاً، يصبح رئيس جمهوريّة، مهما أصبح، إذا علم أنّ بعض المحرّمات هي حرام لا يرتكبها، [إلّا إن كان] اضطرارياً، له مسوّغ، وإلّا [لا يرتكب]، أما إذا لم يعرف [المسائل الشرعية] كيف يعرف أنّه حرام أو حلال، لأنّه لا يعرفه من الممكن أن يرتكبه، فعلى هذا يجب أن يتعلم الحرام من الحلال.

الله يوفقكم إن شاء الله بأن لا تكونوا مثل الجاهلين أبداً، وكذلك [اقرؤوا] روايات أهل البيت(عليهم السلام) في بيتكم، ولتكن لديكم هذه الدرجة من العلم حتّى تستطيعوا استخراج هذه الكنوز من بين الروايات، وكذلك من القرآن مصحوباً بالتفاسير، الله يعلمها [الكنوز]، الأنبياء خصوصاً النبي الأعظم (ص) ماذا قد وضعوا لأجلنا في هذه الروايات، [و] في هذه الآيات! إذا كان الشخص عامّيّاً، ما كان قد درس، لا إطلاع لديه [عن هذه الكنوز]، بالنهاية الإنحراف عن أصل الدين محتمل للأشخاص الّذين لا يدرسون![3].

الحيوانات الّتي في الصحاري تأكل رزقها ، في الوقت الّذي يحسب الإنسان نفسه الأفضل، يسلك لأجل الارتزاق طريقاً عاقبته الهلاك، الهلاك الأبدي! مهما يكن، مهما يكن يجب أن يضع نفسه مثل هذا الّذي هو في ضِمنِ سلك شائك، ولا يسمح لشياطين الإنس والجنّ أن يتدخّلوا فيه، أن يتدخّلوا في عمله.

بعض أساتذة الأخلاق في النجف[4] كان يقول: «أنا ضامن! الشخص الّذي صلّى هذه الصّلوات الخمس في أوّل الوقت [و] لم يصل إلى تلك المقامات العالية أيضاً فليلعنني!» إنّه عجيب جداً! عجيب جداً! ليس شيئاً صعباً، أي عمل واشتغال [كان] لديه، يستطيع أن يأتي بواحدة من هذه الصّلوات الخمسة في أثناء العمل ذاك، لأنّه أوّل الوقت. في رواية: فضل أوّل الوقت على غير أوّل الوقت مثل فضلي على الأمّة!

في رواية أخرى: مثل فضل الآخرة على الدنيا![5] لاحظتم؟ [أي] الأبدية! كم من الأشياء التي قد غرسوها لنا في نفس هذا القرآن في نفس هذه الروايات، [الجهّال] غير ملتفتون، مثل الحيوانات التي هي غير ملتفتة، وضعوا إحدى الطيبات في إحدى الغرف المقفلة، الشخص الّذي لا يمتلك مفتاحها كأنّها [أي الطيّبات] غير موجودة أصلاً!

[إذا شخص] عنده صلاة، عنده كلّ شيء، [الصّلاة] عمود الخيمة، ولكن بالطبع الشخص الّذي يكون هو نفسه مقيّداً بهذا النحو من المطالب[6]، نفسه يصبح ملتذّاً من هذه التعبديّات، لا لأجل أنّه قال له شخص مجبراً له بالسوط: «صلِّ!»، لا، كلا، [بل لأنّه يستلذّ] مثل أكل الحلوى، لا أحد يعطي لأحد الحلوى بالإجبار، [بل] ذوق [الإنسان] متناسب مع الحلويّات.

طبعاً[7]، يجب أن يلتفت الطبيب جيّداً، لا يأتي بعمل خلاف الإيمان، افترضوا بأنّه يعالج الفقراء أيضاً، لكن صاحب الكون يعلم، ليطلب الإنسان الأجرة من الله، لا من نفس هؤلاء، ربّما يكون متموّلاً [و لكن] لا يكون [ماله] مباركاً، لا بركة فيه، لكن صاحب الكون يعلم ماذا يفعل، كان شخص في قم يصلّي في أحد المساجد، عدّة من النساء كنَّ يأتيْنَ هناك من أقصى المدينة [إلى هذا المسجد]، كان يقول : أنا لا أستفيد من هذا المسجد فلساً واحداً، لكن إذا ذهبت إلى نفس هذا [المسجد]، [و عملت بوظيفتي] ترى من أماكن بعيدة بعيدة، «كرمانشاه»[8]، حدود البلد، أين، أين، تأتي حوالات لي، [لكن إذا] أترك هذا[9] تلك [الهدايا والحوالات] أيضاً تُترك!! [بحسب الظّاهر] لا يوجد أي تناسب بينها! [من هذه القضية] إذا عالج يطلب [الأجر] من الله، وإلّا كلّ الحيوانات تأكل رزقها [لكن] هل يضيّق [الله] على الإنسان؟ أبداً لا! خصوصاً هناك رواية أنا ضامن أرزاق أهل العلم[10].

 

 

[1] ألقى سماحته هذه الكلمة في إحدى الزيارات التي قام بها الخبراء من أطباء وزارة الصحة، و الّذين كان على رأسهم نجل أحد كبار العلماء لسماحته.

[2] يقصد سماحته دراسة العلوم الدينية.

[3] يقصد سماحته دراسة العلوم الدينية.

[4] أي سماحة المرجع المقدّس آية الله السيّد عليّ القاضي (قدّس سرّه).

[5] عَنْ قُتَيبَةَ الأَعْشَى عن أَبي عَبْدِ الله(عليه السلام) قالَ: «إِنَّ فْضَلَ الوَقْتِ الأَوَّلِ عَلَى الآخِرِ كَفَضلِ الآخِرَةِ عَلَى الدُّنْيَا» الكافي، ج ٣، ص ٢٧٤.

[6] أي الاِشتغال بالأمور الشرعية و المعنوية.

[7] كان سماحته هنا يخاطب الخبراء من أطباء وزارة الصحة الّذين أتوا لزيارته طلباً لإرشادات سماحته بحقهم.

[8] بلدة في غرب ايران، قريبة من العراق.

[9] نفس هذا المسجد الّذي لا دخل مادي له أبداً.

[10] منية المريد، ص ١٠٣. «من غدا في طلب العلم أظلّت عليه الملائكة و بورك له في معيشته و لم ينقص من رزقه»؛ و كذا في نفس الكتاب، ص ١٦٠: و قد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه و آله: «إنّ الله تعالى قد تكفّل لطالب العلم برزقه خاصّة عمّا ضمنه لغيره».