البيان الرابع

من بيانات لسماحته (البالغ مناه)

بيان سماحته حول الانتخابات

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة على سيّد الأنبياء محمّد وآله سادة الأوصياء المطهّرين.

[نذكر أموراً] في الجواب عن السّؤال المتكرّر حول الانتخابات، مع الإشارة إلى ما نبّهنا عليه العام الماضي من البيانات التي لا تختصّ بزمان ولا مكان، والّتي انطوت على التّعيين التّوصيفي[1] الّذي هو أتمّ وأعمّ وأحسن وأكمل وأدوم من التّعيين الاسمي[2].

روي عن حذيفة رضوان الله عليه أنّه قال: «كانوا يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشّر».

علينا أن نعرف ما هو الشّر، ومن هم أهل الشّر، لنفرّ منه[3]، وما هو الخير، ومن هم أهل الخير، لنفرّ إليه.

يجب على أهل الانتخاب أن يكونوا متبصّرين ومحتاطين في تطبيق الكبريات على الصّغريات، والكلّيات على الجزئيّات.

وأن يقدّموا رضا الله العظيم على رضا غيره، وأن يتفحّصوا عن العقلاء المتديّنين الّذين هم أصلح، ولا يتوقّفوا عند النّور[4]، كما لا يتحرّكوا في الظّلام.

وأن يبتعدوا عن بذل الرّشوة وأخذها (طريقة دول الكفر) وليكونوا مع المتديّنين من العقلاء الواقفين بالمسائل الشرعيّة، وذوي الإيمان اعتقاداً وعملاً، وأصحاب التُّقى والتّدبير والشّجاعة والاعتدال الفكريّ والمسلكيّ، ولا يتعاملون مع غيرهم، ولا يورّطون المسلمين، ولا يُقدمون على عمل لا تدارك من ندامته.

ابتعدوا عن بيع الوطن وبائعي الوطن، الّذي هو غاية رغبة دول الكفر.

لاحظوا أيّ الحزبين موافق ـ أو أكثر موافقةً ـ مع ولاية عليٍّ(عليه السّلام)، وأيّهما يعتقد انتظار المهديّ (عج) عملاً، أو [أيّهما] متأكّد أكثر، أيّهما أحدث تغييراً في الأمور الدينيّة أو لا يحدث

لاحظوا عواقب بائعي الوطن لدول الكفر، فلقد شاهدنا ونشاهد أنّهم لا يفون لمحلّليهم[5] إلاّ إلى الحين الّذي لا يجدون عنه مناصاً، وبعد ذلك لا يبقى لأتباعهم سوى النّدم وعاقبة السّوء.

يجب أن نعلم أنّه ليس هناك نقص في البلاد الإسلامية إلّا وهو منسوب إلى دول الكفر، وكلّ ما هو منسوب إليهم، هو نقص في الإسلام والإيمان، أو ممّا إليه.

غير المعصومين لا يمكن لأحد أن يقول: «إني أعلم كلّ شيء أو أراه!»، وليس بمقدور أحد أن يقول: «إنّي لا أعلم شيئاً وأنا في ظلمة أينما كنت!». بل كلّ عامل عاديّ يعلم أموراً، ويجب أن يسير ولا يتوقّف، بل يجب أن يستخرج المجهولات من معلوماته، بمقدار ما يسعه ذلك. وثمّة أمور يجهلها، ويجب أن يحتاط ويتوقّف ويتفحّص، حتّى لا يُبتلى بندامةٍ غير مستدركة.

وهذه المطالب [إنّما ذكرت] إجابة على الأسئلة، مشتملة على البيانات الّتي فيها إتمامٌ للحجّة وتأكيدٌ لها، لكي لا يوقعوا أنفسهم والآخرين من المؤمنين في الضّلالة، بسبب العمى أو المسامحة.

قد أمر المتحيّرون والمتردّدون ولا زال يؤمرون أن:

لاحظوا أيّ الحزبين موافق ـ أو أكثر موافقةً ـ مع ولاية عليٍّ(عليه السّلام)، وأيّهما يعتقد انتظار المهديّ (عج) عملاً، أو [أيّهما] متأكّد أكثر، أيّهما أحدث تغييراً في الأمور الدينيّة أو لا يحدث، أيّهما معتدل في الفكر، وأيّهما المتلوّن في العقيدة أو العمل، أيّهما يمتلك ملكة التّقوى والصّدق الاِئتمان، أو من هو أقوی [في تلك الملكة]، من منهما يشبه أهل الكفر والنّفاق في صفاته، وأيّهما أبعد، وبالجملة أيّهما أقرب إلى الله تعالى وخاتم الأنبياء وخاتم الأوصياء صلوات الله عليهم وعجّل فرجهم.

نسأل الله العظيم موفقيّة جميع المؤمنين لمرضياته وتجنّب مبغوضاته، في كلّ مكان وعلى أيّة حال. 

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأحقر محمّد تقي البهجة
١١ محرّم الحرام ١٤١٨ هـ . ق



كتاب الناصح، ص 298

[1] من خلال ذكر أوصاف الّذين يجوز انتخابهم.

[2] من خلال ذكر أسماء الّذين يجوز انتخابهم.

[3] أي من الشر و أهل الشر.

[4] أي الأمور الواضحة.

[5] أي الّذين يتوسطون لهم بنيلهم مقاصدهم.