بمناسبة الذكرى السنوية السابعة للرحيل الملكوتي لشيخ الفقهاء و بهجة العرفاء سماحة آية الله العظمى الشيخ البهجة (البالغ مناه) أقيمت مراسم الذكرى في حرم السيدة المعصومة (ع) بمدينة قم المقدسة.
حضر في هذه المراسم مراجع التقليد العظام، و أعضاء مكتب السيد القائد، ومجلس خبراء القيادة، و كذلك حشد كبير من الطلبة و العلماء و مختلف شرائح المجتمع و محبّي سماحته و عشاقه.
البدايةً كانت تلاوة لآيات من كلام الله المجيد، و بعدها تمّت قراءة مجلس العزاء و ذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) ثم قام السيد فاطمي نيا بالحديث حول شخصية آية الله العظمى الشيخ البهجة (قدس سره).
و قد أشار سماحته خلال كلامه إلى أهمية تحصيل العلوم الظاهرية لأجل فهم القرآن و الأحاديث، و أنّ العلم بدون عمل لا نتيجة له، و هو وزر و وبال على صاحبه، وقال: إنّ المسألة المهمة تكمن هنا، أنّه إذا عملنا بمعلوماتنا يُخلق نورٌ يكون بدوره حاكماً على الأنوار الذاتية، فقد روي في الكافي الشريف أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: »أيّها الناس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون»
فعندما تعملون ينبعث نور له حكومة على الأنوار السابقة، إذ يسمى هذا النور بالأنوار الحاكمة، فاتّباع النفس الأمارة له ظهورات متعددة، و لا ينتهي إلى شرب الخمر فقط.
فبعض الأحيان يكون تأليف كتاب ديني بسبب النفس الأمّارة أيضاً [أي لا يكون لدواعٍ إلهية]!
و تفضل قائلاً أثناء بيان سماحته لهذه الكلمة عن أمير المؤمنين (عليه السلام): »قد أحیا عقله و أمات نفسه حتی دقّ جلیله و لطف غلیظه و برق له لامع کثیر البرق فأبان له الطریق و سلك به السبیل و تدافعته الأبواب إلی باب السلامة و دار الإقامة بطمأنینة بدنه فی قرار الأمن و الراحة»: لقد كان آية الله البهجة لطيفاً بأكمله، لقد كان سماحته في بحر من الطمأنينة، و لم يطرأ عليه أي شكل من التموّج و الاضطراب، فالأنوار الحاكمة توجب وصول الفرد من مقام إلى مقام أعلى. فساحة الأنوار الحاكمة وسيعة إلى هذا الحدّ، بحيث يصبح الأفراد أحياناً أصحاب فيوضات، و أحد الأشخاص الذين كانوا حتماً من أصحاب الفيوضات و النفحات الإلهية، كان هو آية الله العظمى الشيخ البهجة.
و أشار سماحته إلى هذه المسألة، أنه إذا نقصت المعرفة الإلهية، فلا يمكن القيام بأي عمل، و أنّ النواقص الحاصلة فينا هي نتيجة ضعف المعرفة الإلهية قائلاً: إذا كان لدى المرء شكٌّ في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فهذا بسبب الضعف في التوحيد. الشخص الذي يدّعي أن النبي صلى الله عليه و آله قد أتى بالصلاة و الصيام و القرآن من عنده فهو لم يفهم من العرفان شيئا. الخاطرة الملكية و الفيوضات القلبية لا تقول للشخص صلّ صلاة الصبح، بل تقول لك أحياناً: صم اليوم أو تصدّق.
تجتمع هذه الأنوار الصادقة و تشكّل شخصية مثل آية الله العظمى الشيخ البهجة (قدس سره). عنما نقول للآخرين: لباب الدين، يقولون: فهل كان شيءٌ لم يكونوا قد قالوه لنا؟! انتبهوا لهذه المسألة، إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لأي شيء قام بثورته؟ أشهد أنّك قد أقمت الصلاة. فلو يعلم المرء معنى (أقمت الصلاة) لما تمكّن من العيش في المجتمع. نقرأ في دعاء الندبة.. »اللهم .. و اجعل صلاتنا به مقبولة«، الآن الإمام الحسين عليه السلام لم يكن قد قام بعدُ، في حين كان الناس يعلمون أنّ صلاة الصبح ركعتين و صلاة الظهر أربع ركعات.
لقد قام الإمام الحسين (عليه السلام) حتّى يتمّ طرح لباب الدين، و يتهيّأ أمثال البهجتيون و القاضيون و الطباطبائيون. فلبّ اللباب هو ما امتلكه آية الله العظمى الشيخ البهجة.
و الكرامات على نوعين: كرامات عامّة و كرامات خاصّة، و الناس يفهمون الكرامات العامّة.
على سبيل المثال المرحوم الشيخ النخودكي كان يضع يده على موضع لدغ الأفعى فيصبح سالماً. هذه كرامات عامّة، و صاحب الكرامات العامة يحاسب عليها، [فيقال له]: لقد رفعنا قدرك فماذا فعلت أنت؟ أمّا أصحاب الكرامات الخاصة فيستاؤون إذا تمّ بيان الكرامات العامة منهم، لقد سمعت مراراً من نجل آية الله المعظم الحاج الشيخ علي البهجة، أنّه إذا تم بيان كرامة لآية الله العظمى الشيخ البهجة فإنّه كان يتغير حاله و ينزعج لذلك.
في ختام الخطبة قال سماحته: إنّ آية الله العظمى الشيخ البهجة كان مظهر الأنوار الحاكمة. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): »بما استعمل قلبه«، القلب بمعنى العقل، »و أرضى ربّه«.
يقول آية الله العظمى الشيخ البهجة: كل ما هو موجود هو في العبودية، كل ما هو موجود هو في العبودية لله.